وليلي… فسيفساء تاريخية شاهدة على عظمة المغرب

تعتبر وليلي واحدة من المعالم الأثرية الخالدة في المغرب، والتي يعود تأسيسها إلى القرن الثالث قبل الميلاد. عمرها القرطاجيون قبل أن تصبح تابعة للإمبراطورية الرومانية، التي وضعت على عرشها الملك النوميدي الأمازيغي جوبا الثاني، لتتحول اليوم إلى موقع أثري خال من السكان، لكنه زاخر بالتاريخ والعراقة. 

لم يتمكن الرومان من الحفاظ على المدينة لبعدها الجغرافي، فاستوطنتها قبائل محلية مجاورة، إلى أن وصل العرب فوجدوها مأهولة بفسيفساء من السكان اليونان والأمازيغ والمسيحيين واليهود، الذين يتحدثون اللغة اللاتينية.

كانت المدينة، المجاورة لمدينة مولاي ادريس زرهون، والتابعة اليوم لجهة فاس مكناس، عاصمة لمملكة موريطانيا الطنجية القديمة. وجعل منها المولى إدريس الأول، مؤسس الدولة الإدريسية المغربية، عاصمة لحكمه لفترة قصيرة، قبل أن ينقل مقر سلطته إلى مدينة فاس. ثم تعرضت وليلي لزلزال مدمر في منتصف القرن الثامن عشر جعل منها مدينة منسية لسنوات طويلة، وسلبت حجارتها ورخامها وبلاطاتها لبناء مكناس، قبل أن يعيد الاستعمار الفرنسي اكتشافها من جديد ويعمد إلى إعادة بنائها وترميم ما بقي من آثارها ومبانيها. 

تقع وليلي ضمن منطقة زراعية خصبة على سفح جبل زرهون. وعرفت بمصادر مياهها ومواردها الطبيعية، بالإضافة إلى أسوارها وتماثيلها ومنقوشاتها وأعمدتها القديمة الشهاهدة على حضارة أمة، مما جعلها قبلة للسياح من جميع بلدان العالم، ولعلماء الأركيولوجيا الذين يعتبرونها كنزا أثريا تاريخيا حقيقيا جديرا بالحفريات.

لا تقول المصادر التاريخية الكثير عن أصل اسم وليلي، التي كانت تسمى أيضا بقصر فرعون”، والتي تعتبر اليوم من بين المواقع التي صنفتها منظمة “اليونسكو” تراثا إنسانيا عالميا، لكن من المرجح أن يكون مستوحى من كلمة “واليلت” الأمازيغية، التي تعني الزنبق، الذي ينمو على جنبات الوادي الذي تطل عليه المدينة. 

يضم الموقع العديد من البنايات القديمة التي شيدت على مر العصور، من بينها معبد “الكابيتول” وقوس النصر والمحكمة والساحة العمومية وقصر كورديانوس ومنزل فينوس، إضافة إلى العديد من الآثار التي شجعت السفارة الأمريكية بالرباط، أخيرا، إلى تمويل مشروع لترميم الفسيفساء الموجودة في هذه المعلمة الأثرية.  

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*