ادريس الخوري… الساخر اللاذع

وصفته برقية التعزية التي بعث بها جلالة الملك محمد السادس إلى أسرته وعائلته، بأنه “أحد رواد الأدب المغربي الحديث، والذي تجاوز صدى إبداعاته القصصية والصحفية المتميزة حدود جغرافية الوطن”. وهو كذلك فعلا. 

إنه ادريس الخوري، أو “بّا ادريس”، مثلما يطلق عليه الأصدقاء والمقربون. واحد من أبرز الكتاب والمثقفين المغاربة، الذين وافتهم المنية قبل أيام، مخلفا صدمة في الحقل الثقافي المغربي، هو الذي اعتقد الجميع أنه خالد لا يموت.  

ولد ادريس الخوري، وكنيته الحقيقية الكص، سنة 1939 بحي درب غلف الشهير بمدينة الدار البيضاء، لأسرة فقيرة من الهامش تعود أصولها إلى منطقة الشاوية. لم يحظ بمستوى تعليمي عالي، إذ لم يتجاوز مرحلة الابتدائي، لكنه استطاع تثقيف نفسه بفضل قراءاته الغزيرة وشبكة علاقاته، سواء على مستوى السياسيين أو الأدباء والصحافيين، خاصة المحسوبين على اليسار، وبفضل متابعته الحثيثة لكل أشكال الإبداع من الفن التشكيلي إلى المسرح والسينما التي كانت لها مكانة خاصة في قلبه، إلى أن اكتشف في نفسه موهبة الكتابة، فكان أول إصداراته مجموعة قصصية تحت عنوان “حزن في الرأس والقلب”، والتي جاءت بعد محاولة شعرية لم يكتب لها النشر.

عرف الخوري بأسلوبه الساخر ونقده الحاد اللاذع وصراحته، خاصة في أعمدته الصحافية التي كانت تحظى بنسبة إقبال كبير عليها، لأنها تعري الواقع. بدأ مساره الأدبي مصححا لغويا بجريدة “العلم” التابعة لحزب الاستقلال، قبل أن ينتقل إلى إنجاز الربورتاجات والتحقيقات الصحافية، ثم ينشر نصوصه في العديد من الجرائد، ومنها جريدة “المحرر” الشهيرة التي تحولت فيما بعد إلى “الاتحاد الاشتراكي”، والتي ظل يعمل صحافيا ضمن طاقمها إلى حين حصوله على التقاعد. 

تأثر ادريس الخوري بكتاب كبار من طراز نجيب محفوظ، إضافة إلى محمد برادة وعبد الكريم غلاب وعبد الجبار السحيمي من المغرب. وكان يمزج في كتاباته، بين العربية والدارجة المغربية، بأسلوب رشيق، مبتكرا بذلك لغته القصصية والإبداعية الخاصة.  

خلف الراحل إرثا أدبيا وازنا، على رأسه عدد من مجموعاته القصصية مثل “ظلال” و”البدايات” و”الأيام والليالي” و”مدينة التراب” و”يوسف في بطن أمه”.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*