
كان ابن ميمون فيلسوفا وعالم فلك وطبيبا يقدره العرب والمسلمون كثيرا ويحترمونه لما له من علم وحكمة، رغم أنه كان حاخاما ورجل دين يهوديا ومن أشهر علماء التوراة الذين عرفهم العصر الوسيط.
ولد ابن ميمون أو الرئيس موسى مثلما لقب لدى العرب، سنة 1135 بقرطبة بالأندلس، لأب كان قاضيا في المحاكم العبرية، قبل أن ينتقل مضطرا رفقة عائلته إلى مدينة فاس المغربية، أثناء حكم الموحدين، حيث ذاع صيته هناك، خاصة بعد أن درّس بجامعة القرويين الدينية العتيدة، ومنها إلى فلسطين ثم مصر، حيث استقر في أواخر حياته وعمل رئيسا للطائفة اليهودية هناك وطبيبا معالجا في بلاط صلاح الدين الأيوبي، إلى حين وفاته سنة 1204 في القاهرة، وعمره لا يتجاوز 66 سنة، لكنه دفن في طبريا.
تأثر ابن ميمون بعمالقة الطب والعلم مثل ابن سينا وابن باجة والفارابي وأرسطو، إضافة إلى ابن رشد الذي انكب على دراسة مؤلفاته لمدة 13 سنة كاملة. وله العديد من الكتابات حول الإسلام وعلم التوحيد والمتكلمة والمعتزلة والمتصوفة، إلى درجة أن العديدين يصنفونه من علماء المسلمين رغم أنه كان يهوديا، وقيل إنه اعتنق الإسلام كنوع من “التقية” ليحمي نفسه من القتل في بيئة كانت تكره اليهود وتزدريهم.
يعتبر كتابه “دلالة الحائرين” واحدا من أهم الكتب والمراجع التي دونها اليهود، بفضل ما جاء فيه من أفكار ونظريات مهمة، إلى جانب الشروح التي قدمها كاتبه للعديد من المفردات والعبارات الصعبة التي وردت في العهد القديم، إلى درجة اعتبروه “موسى الثاني”، بعد نبيهم موسى، لسعة علمه وثقافته وفقهه، مما جعل تأثيره على الطوائف اليهودية المنتشرة عبر العالم، واسعا، لذلك لقب ب”المعلم” و”النسر العظيم”.
في جعبة ابن ميمون أيضا عدد من الكتابات القيّمة، منها “الرسائل والمقالات”، يرد من خلاله على التساؤلات التي كان يبعث بها إليه اليهود المقيمون في مختلف أنحاء العالم العربي، و”الكتابات الطبية” الذي يتضمن العديد من المقالات حول الطب، الذي كرس له حياته بعد أن فرغ من أعماله اللاهوتية والفلسفية.
قم بكتابة اول تعليق