أجيال مختلفة ومتعددة عاشت مع رشيدة الحراق واستمتعت بأدوارها الرائعة في عدد من الأعمال الإذاعية والتلفزيونية والسينمائية والملحمية، منها “ذئاب لا تموت”، الذي كان أول تجربة تلفزيونية ستلعب بطولتها، ومسلسل “الشرع عطانا ربعة” و”رياض المعطي” وراضية” و”العقاب” و”سر الانتقام” و”بنات للا منانة” وفيلم “أصدقاء الأمس” وغيرها من الأعمال التي لا يتسع المجال لذكرها. فالفنانة والممثلة، التي توفيت الأسبوع الماضي بالرباط بعد معاناة طويلة مع مرض السرطان، هي واحدة من جيل الرواد في المسرح والتلفزيون والإذاعة، الذين ساهموا في إبراز معالم الثقافة والموروث الثقافي والحضاري المغربي، مثلما وصفها الملك محمد السادس في برقية التعزية التي بعث بها ديوان جلالته إلى أسرة الفقيدة.
عشقت رشيدة الحراق الفن، واختارته عن سبق إصرار وترصد، في زمن لم يكن من المقبول دخول هذا المجال الذي كان المغاربة ينظرون إليه بعين الشك والاتهامات، خاصة بالنسبة إلى امرأة. لكنها أصرت على المضي قدما في طريقها، متحدية نظرة المجتمع، لينطلق مشوارها سنة 1968 بالإذاعة الوطنية، وهي ما تزال في العشرينات من عمرها، حيث اشتغلت إلى جانب العديد من كبار الفنانين المغاربة مثل محمد حسن الجندي والعربي الدغمي وحمادي عمور وحبيبة المذكوري وأمينة رشيد وعبد الرزاق حكم. وكانت مشاركتها في مسلسل “الأزلية” الإذاعي الشهير، بوابتها نحو الشهرة والنجاح، قبل أن تلتحق بعدها بمسرح “المعمورة” وتقف أمام عمالقة الركح في ذلك الزمن الفني الجميل.
تزوجت رشيدة، التي رأت النور بالعاصمة المغربية الرباط سنة 1948، بالممثل والكاتب والمناضل محمد أحمد البصري، رفيق رحلة العمر، الذي شجعها على خوض غمار التمثيل، وأسست إلى جانبه فرقة “المسرح الضاحك”، التي قدمت عددا من المسرحيات الجميلة من بينها “دموع إبليس”.
عرفت داخل الوسط الفني بأخلاقها العالية وكان زملاؤها يكنون لها الكثير من الود والاحترام، مثلهم في ذلك مثل الجمهور المغربي الذي احتضن موهبتها ونظر إليها بعين التقدير، خاصة أنها كانت تحسن اختيار أدوارها وكان هدفها الأسمى تقديم أعمال فنية هادفة تتحدث عن الاحتلال ومقاومة الاستعمار الفرنسي وتناضل من أجل استقلال المغرب.
قم بكتابة اول تعليق