سيمون ليفي… رمز الوطنية والإنسانية و”صديق الفقراء”

ولد سيمون ليفي، رئيس الطائفة اليهودية بأكادير، الذي فارق دنيانا الأحد الماضي، عن سن يقارب 83 سنة، بمدينة الصويرة، لكنه كبر وترعرع بمدينة أكادير، عاصمة سوس، بالجنوب المغربي، وفيها ربط علاقات صداقات ومودة مع أهلها الذين كانوا يخصونه بالكثير من التقدير والاحترام، مسلمين ويهودا، هو الذي كان في خدمة الجميع كل ما أمكنه ذلك، لا يفرق بين ديانة أو عرق أو انتماء، ولا بين غني أو فقير، لذلك لقب ب”صديق الفقراء”.

كان سيمون، الذي دفن بمقبرة إحشاش اليهودية بحي تالبرجت الشهير بأكادير، من أوائل اليهود المغاربة الذين تولوا مناصب مهمة في المملكة، منذ انتخابه مستشارا جماعيا لمدينة أكادير سنة 1992، وجددت فيه الثقة لشغل المنصب نفسه للمرة الثانية في 1997، كما انتخب بعد ذلك عضوا بمجلس المستشارين، عن حزب الاتحاد الدستوري، خلال السنة نفسها، ليكون بذلك أول نائب برلماني يهودي في بلد إسلامي، بفضل الثقة التي كان يحظى بها لدى الناخبين، والمصداقية التي ارتبطت باسمه وسمعته، منذ مشاركته سنة 1960 متطوعا ضمن عمليات الإغاثة، بعد الزلزال الذي ضرب أكادير، وراحت ضحيته أرواح كثيرة.

عمل ليفي، الذي رأى النور سنة 1939، ب”بريد المغرب”، قبل أن يؤسس مقاولته الخاصة المتخصصة في مجال الكهرباء، بعد نيله دبلوم تقني في الكهرباء من المدرسة الصناعية بالدار البيضاء، وهي الشركة التي تشغل العديد من اليد العاملة.

ظل سيمون ليفي، طوال حياته رمزا للتضامن والتعايش والتسامح بين اليهود والمسلمين في المملكة التي منحها كل حياته، وأصر على أن يعيش ويموت فوق ترابها، وفيا للملكية والعرش العلوي، وهي المبادئ والقيم التي ربى عليها أبناءه وتقاسمتها معه رفيقة دربه دنيز.

لقد كان الرجل قمة في التواضع. مستمعا جيدا. بابه مفتوح للجميع، لا يرد سائلا ولا يتوانى عن تقديم المساعدة للمحتاجين. لذلك بكاه أهل أكادير وفجعوا بموته، مسلمون، وما تبقى من يهود مغاربة يقطنون أكادير، التي يترأس مجلس طائفتها، لأنه لا يعوض، ولأنه يكاد يكون آخر الرجال المحترمين في زمن قلت فيه المروءة.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*