يعتبر مسجد الحسن الثاني معلمة دينية متميزة، أبهرت هندستها وبنيانها العالم، بمئذنتها الأندلسية التي ترتفع على علو 210 أمتار، (يستعمل المصعد في بلوغها) وزليجها وفسيفسائها ونافوراتها ونقوشها التي تزين الجدران والصحون والأعمدة وجميع الأبنية الملحقة بهذا المسجد الممتد على مساحة تسع هكتارات، تتسع ل80 ألف مصل.
بني المسجد، الذي يعتبر أكبر مسجد في المغرب والثالث عشر في العالم، بمبادرة من الملك الراحل الحسن الثاني، الذي أراده شاهدا على عصره، لذلك دعا جميع المغاربة إلى المساهمة، كل حسب قدرته وإمكانياته، في تمويل عملية بناءه التي أشرفت عليها شركة “بويغ” الفرنسية، التي وظفت أحدث التقنيات من أجل أن يكون تحفة معمارية مميزة. وقد ساهم المغاربة ف300 مليار سنتيم، في حين منحت دول أخرى قروضا لدعم المشروع، وعل رأسها المملكة العربية السعودية.
يطل مسجد الحسن الثاني، على عكس العديد من مساجد العالم، على ساحل الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمغرب. وهو ما يجعله مميزا، بل بني جزء كبير منه فوق البحر، وهو يضم إلى جانب قاعة الصلاة، قاعة للوضوء ودورات مياه ومدرسة قرآنية ومكتبة ومتحفا، إضافة إلى سطح يفتح ويغلق بشكل آلي وإشارة إلى القبلة بأشعة ليزر يصل مداها إلى 30 كيلومترا.
استلهم المسجد تصميمه وبناءه من مجموعة من المساجد العتيقة التي شكلت تاريخ المغرب العريق، من بينها جامع القرويين الشهير بمدينة فاس وصومعة حسان بالرباط ومسجد الكتبية بمراكش، إلى جانب مسجد “الخيرالدا” في مدينة إشبيلية، الذي بناه السلطان الموحدي يعقوب المنصور.
استمر العمل في مسجد الحسن الثاني مدة سبع سنوات، كان العمل فيها بالليل والنهار، بمساعدة عمال فاق عددهم الألفين عامل و10 آلاف فنان وحرفي وصانع تقليدي، ليكون المسجد شاهدا على عظمة المملكة وتاريخها وثقافاتها المتعددة.
فتح مسجد الحسن الثاني أبوابه سنة 1993، أمام جميع الأجناس والديانات من السياح والمقيمين، من غير المسلمين، الذين لا يمكن أن تكتمل اليوم زيارتهم إلى مدينة الدار البيضاء، والمغرب عموما، بدون زيارة هذه المعلمة الدينية والسياحية الشاهدة على عظمة ملك ليس كالملوك.
قم بكتابة اول تعليق