“البايلا”… بقية الطعام التي تحولت إلى طبق عالمي

تعتبر “البايلا”، أو “البايا” مثلما ينطقها الإسبان في لغتهم، واحدة من أشهر الأكلات الأندلسية التي انتقلت إلى المغرب عن طريق هجرة “الموريسكيين” الذين بصموا بثقافتهم عادات وتقاليد المجتمع المغربي ومجتمعات شمال إفريقيا.

يعد هذا الطبق، الذي يقال إن أصوله تعود إلى فالنسيا، وبالضبط منطقة الريف الفالنسي، بفواكه البحر عادة، لكن يضاف إليه أحيانا الدجاج واللحم والخضراوات، حسب المناطق. وقد احتار المؤرخون في أصل تسميته كذلك، بين قائل إنه جاء من اسم القدر الذي تطهى فيه الأكلة، أي “الباتيلا”، أو المقلاة، وبين مؤكد أن الاسم يأتي من اللغة العربية، ويعني بقية الطعام، نظرا لأن الطبق يحضر من بقايا الأكل الذي يتم تناوله في الغداء أو العشاء، والذي يتم تجميعه من موائد ملوك الأندلس وأغنيائها للتصدق به للفقراء.

ظهر الطبق الشهير في القرن السابع عشر الميلادي، وكان طهيه من اختصاص الرجال نظرا لسهولته ويسره، إذ كانوا يتناولونه في الحقول. ويعتبر الأرز، الذي تم اكتشافه في شمال إفريقيا قبل أن يتعرف عليه الإسبان وأهل الأندلس، من مكوناته الأساسية، إلى جانب القدر الخاص الذي يطهى فوقه على نار هادئة، والذي صمم ليساعد على عملية التبخر. أما شرائح الحامض فضرورية من أجل التزيين، ومثلها البهارات الحارة التي تضفي عليه نكهة خاصة، إضافة إلى الزعفران الذي لا يمكن الاستغناء عنه في تحضير الأكلة، وزيت الزيتون الذي لا يصح تحضيرها إلا به.

وحسب بعض المؤرخين، تعود شهرة الطبق، الذي يطلق عليه في بعض البلدان العربية اسم “الصيادية” أو “أرز السمك”، إلى الخلفاء الأمويين، إذ دخل أحد حكام الأندلس ذات يوم إلى مطبخ قصره، ليجد الخدم متحلقين حول طبق غريب مصنوع من الأرز، وحين سألهم عنه قالوا إنه من خليط من بقايا طعام مائدة الحاكم وضيوفه، من لحم وأسماك ودجاج وطيور وأرانب، يتم مزجها في إناء واحد وتناولها. وحين تذوقه الحاكم أعجب به ووجده في غاية اللذة، وأصبح يطلبه دائما على مائدة طعامه، خاصة بعد أن نال إعجاب ضيوفه أيضا.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*