لم تكن الشابة الإيرانية مهسا أميني، التي لم تتجاوز بعد 22 سنة من عمرها، تعتقد في يوم من الأيام، أن طريقة وضعها للحجاب الإسلامي، يمكن أن تتسبب في موتها. فبسبب ارتداءها غطاء الرأس بطريقة غير ملائمة حسب نظام الملالي في إيران، اعتقلتها شرطة الأخلاق وهي رفقة شقيقها في محطة “ميترو”، متوجهان إلى طهران، لتفارق العمر بسبب “التعذيب” الذي تعرضت له، حسب ما أكدت وسائل إعلام دولية وناشطون حقوقيون إيرانيون، في الوقت الذي تنفي السلطات الإيرانية ذلك، مؤكدة أنها ماتت بسبب مشاكل صحية كانت تعانيها، وهو ما نفاه والدها جملة وتفصيلا.
ولدت مهسا، وهي من أصول كردية، في مدينة سقز، التي تقع في الشمال الغربي لإيران. وكانت على وشك أن تبدأ الدراسة بجامعة أرومية، قبل أن تخطفها يد المنون. ورغم أنها شابة مغمورة لا يعرف عنها الكثير، إلا أنها أصبحت أيقونة عالمية بعد أن أثار اعتقالها وموتها غضب العديد من الناشطين والفاعلين الحقوقيين في إيران وخارجها، بسبب القوانين التي تفرض زيا إسلاميا موحدا في كافة مناطق البلاد، وتحرم النساء الإيرانيات من أبسط حقوقهن، في ارتداء ما يحلو لهن، ورفض الحجاب، الذي فرض مباشرة بعد نجاح الثورة ضد الشاه وصعود نظام الخميني.
لقد أصبحت مهسا، واحدة من أشهر ضحايا العنف ضد المرأة في العالم، إلى درجة أن الرئيس الإيراني، شخصيا، قدم التعازي إلى عائلتها، وطالب بفتح تحقيق حول أسباب وفاتها، وطالب وزير داخليته بإيلاء اهتمام كاف وعاجل إلى حالتها التي أثارت تعاطفا دوليا كبيرا، إذ خرجت المسيرات الضخمة في مختلف أنحاء العالم، تنديدا بالنظام الإيراني وطريقة تعامله مع النساء ومع المعارضين لسياسته، بدءا من مسقط رأسها في سقز مرورا بالعاصمة الإيرانية طهران وصولا إلى مدن كندية وأمريكية وبريطانية وفرنسية… وهي المسيرات والاحتجاجات التي ما زالت مستمرة في الشوارع والجامعات الإيرانية، رغم القمع الذي تعرضت له من طرف السلطات ومحاولتها عرقلة الولوج إلى الأنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي، من أجل التشويش على سيرها وتنظيمها من طرف الطلبة والحقوقيين.
قم بكتابة اول تعليق