الزليج… فن الفسيفساء الأندلسي العريق

يعتبر الزليج من أهم الخصائص المعمارية التي تتميز بها البلدان المغاربية. وهو فن عريق عرف في العصور الوسطى وبلغ أوجه زمن الحضارة الأندلسية وظلت الشعوب في شمال إفريقيا والمغرب الكبير محافظة عليه إلى يومنا هذا، تستعمله في تزيين جدران المنازل والبنايات وأسقفها وأرصفتها وموائدها وأحواضها، سواء تعلق الأمر بالبيوت والدور العادية أو بالقصور العظيمة، أو بالمعالم التاريخية،  إضافة إلى المطاعم والفنادق الراقية والمساجد أيضا.

ولأنه فن قائم بذاته، يطلق عليه فن الفسيفساء. وهو يعتمد في إبداعه على مهارة الصانع اليدوي، وليس على الآلات، رغم أنه يصنع من مواد أولية بسيطة مثل الطين والألواح الخشبية، إذ يتطلب حرفية عالية ودقة في الصنع لا يمكن اكتسابها إلا بالخبرة والتمرس. ف”لمعلم” أو “الزلايجي”، لا يصبح كذلك، إلا بعد مروره من العديد من المراحل، وتتلمذه على يد الآباء والأجداد، لأن الحرفة تنتقل من جيل إلى جيل داخل العائلة الواحدة، فالتعلم يبدأ في الصغر عبر المشاهدة وتأمل ما يصنعه الآخرون، قبل أن يولى التلميذ بعض المهام السهلة ثم ينتقل تدريجيا إلى ما هو أصعب إلى أن يتقن الحرفة تماما.

انتشر الزليج كثيرا في مدن مثل فاس بالمغرب وتلمسان بالجزائر، لذلك تدور معارك طاحنة على صفحات الفيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي بين الشعبين، كل واحد منهم يدعي انتسابه إليه دون غيره، رغم أنه جزء من الثقافة المغاربية ككل.

اشتق اسم الزليج من فن فخاري يشبهه يدعى “أزوليخو”، المعروف بإسبانيا والبرتغال. وقد ازدهر خلال حكم بني مرين، خاصة بعد إدراج الألوان عليه مثل الأخضر والأصفر والأزرق، ليصبح عنصرا هاما يدخل في بناء وتشييد القصور والإقامات الملكية والصوامع والمساجد والمآثر التاريخية.  

تطور الزليج في العديد من المجتمعات الأخرى وحظي باهتمام الفنانين التشكيليين والمهندسين المعماريين الذين وظفوه في أعمالهم. وقد وصل صيته وسمعته إلى العالمية، بل أثار جدلا كبيرا بعد أن تبنته شركة “أديداس” وصنعت به تصاميم ألبسة رياضية للاعبي المنتخب الجزائري، مما جعل المغرب يحتج، معتبرا الأمر استيلاء على تراث ثقافي مغربي ونسبته للغير.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*