أبي الجعد… أرض الشرفاء

تأسست مدينة أبي الجعد، التي يطلقون عليها “أرض الشرفاء”، على يد الولي الصالح والقطب الصوفي سيدي محمد الشرقي، أو بوعبيد الشرقي، في القرن العاشر الهجري، وهو مؤسس الزاوية الشرقاوية ويعود نسبه إلى الخليفة عمر بن الخطاب، والذي استقر بالمنطقة قادما إليها من مسقط رأسه قرب قصبة تادلة، حيث نصب خيمته وحفر بئرا وبنى مسجدا من أجل العبادة والاعتكاف.

اشتق اسم أبي الجعد، حسب الروايات، من الغابات الكثيفة التي كانت مليئة بالوحوش والذئاب وحيوانات ابن آوى التي كانت تسمى “أبو جعدة”، قبل أن يصبح ذلك المكان الموحش قبلة لطلبة العلم والمريدين ومركز إشعاع ديني وعلمي وروحي كبير، لعب أدوارا هامة في تاريخ المغرب.

استوطنت المنطقة جالية يهودية مهمة عاشت في المدينة جنبا إلى جنب مع المسلمين في تعايش تام يتميز به أهل المدينة الذين عرف عنهم التسامح وقبول الآخر، وهو ما جعل اليهود ينزحون إليها بأعداد كبيرة، بعضهم أتى من مكناس وآخرون من دمنات، وهم من أصول أندلسية، حسب ما أكدته بعض المصادر التاريخية، إذ استقروا في حاراتها وأحياءها مثل درب القادريين ودرب لغزاونة حيث ما زالت العائلات اليهودية تحتفظ بمنازلها إلى اليوم، رغم هجرتها إلى إسرائيل وغيرها من بلدان العالم، في الوقت الذي اختارت أخرى الاستقرار في الرباط أو في الدار البيضاء.

وما زالت مدينة أبي الجعد تحافظ على العديد من معالم الثقافة اليهودية فيها، مثل مدرسة التحالف الإسرائيلي التي كان المؤرخ الكبير حاييم الزعفراني واحدا من معلميها، إضافة إلى المقبرة اليهودية ولوحة الحاخام يوسف كاباي، العالم اليهودي المشهور، وحي الملاح وبعض أضرحة الأولياء والصالحين اليهود مثل رابي لوي هلوي ومولى غيغة…والتي لا يزال اليهود يحجون إليها في مواسمهم و”هيلولتهم”، قادمين من مختلف بلدان العالم للحج والتبرك.

وتعود أصول العديد من الشخصيات اليهودية الشهيرة إلى مدينة أبي الجعد، نذكر من بينهم يهودا لانكري، سفير إسرائيل السابق في الأمم المتحدة وباريس، وعمير بيريتس، السياسي الإسرائيلي الذي تقلد العديد من الحقائب الوزارية من بينها حقيبة الدفاع وحقيبة الاقتصاد.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*