شالة… أقدم المواقع التاريخية في المملكة

يعتبر موقع شالة الأثري في مدينة الرباط واحدا من أعرق وأشهر وأجمل المآثر التاريخية في المغرب. يعود بناؤه إلى القرن السادس قبل الميلاد. استوطنه الفينيقيون  قبل حوالي 3 آلاف سنة، وجعلوا منه مركزا تجاريا مهما. وقد ورد ذكره لدى المؤرخين القدامى باعتباره مدينة صغيرة كانت تحمل اسم “سالا كولونيا”، وهي المدينة التي عرفت ازدهارها في عهد الملكين الأمازيغيين يوبا الثاني وبطليموس، قبل أن تتغير معالمها تحت الحكم الروماني الذي خضعت له إلى بداية القرن الخامس الميلادي، بعد أن أصبحت تضم حسب المصادر التاريخية، (جزء كبير من تاريخها ظل مجهولا ومستعصيا على الباحثين) مبنى “كابيتول”، وهو المعبد الرئيسي في المدينة، و”فوروم”، كما كانت بمثابة ميناء يحمل المحاصيل الزراعية إلى الإمبراطورية، ويتم عبره أيضا تصدر منتوجاتهم المختلفة إلى باقي بلدان إفريقيا والعالم.

وعرفت المدينة، التي تقع في الضفة الجنوبية لنهر أبي رقراق، في العهد الإسلامي، تشييد القصبات والأبراج، إضافة إلى الأضرحة والمقابر ومسجدا ودارا للوضوء. وظلت شالة، التي صنفت ضمن لائحة التراث العالمي لمنظمة “يونسكو” في 2012، مهجورة قرونا طويلة قبل أن تحظى مجددا بالاهتمام في عهد السلطان المريني أبي الحسن ثم ابنه أبي عنان من بعده، حيث تم تعزيز مرافقها بمدرسة وحمام و”نزالة” كان يأوي إليها الحجاج والزائرون، والعديد من البنايات المعمارية المتميزة، لتتعرض للنهب والتدمير في القرن 15 الميلادي، وتندثر معالمها بفعل الزمن ويد الإهمال، وتعيش منذ تلك الفترة على الهامش إلى أن تحولت إلى أثر تاريخي متميز، شاهد على المجد والحضارة.

تأثرت شالة، المدينة التي سجلت تاريخ كل من مروا على أرضها بداية بالفينيق وحتى المورسكيين التي قدموا إليها وإلى جارتها الرباط لاجئين بعد سقوط دولتهم بالأندلس، بالزلزال القوي الذي ضرب مدينة لشبونة سنة 1755 ووصل صداه إلى بعض المناطق المغربية، إذ فقدت جزءا كبيرا من أعمدتها وأقواسها وتماثيلها الرومانية، قبل أن تخضع للترميم وإعادة التأهيل في عهد الاستعمار الفرنسي للمغرب، كما خضعت لعملية ترميم أخرى كبيرة وشاملة عام 1960 من منظمة اليونسكو.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*