“السقالة”… الحصن البرتغالي الذي تحول إلى مطعم

تعتبر “السقالة” بمدينة الدار البيضاء، واحدة من أشهر الفضاءات السياحية في العاصمة الاقتصادية التي يحرص الزوار والمشاهير على ارتيادها والتقاط الصور داخلها، بعد أن تحولت من أثر تاريخي وحضاري عريق إلى مطعم راق يقدم المطبخ المغربي على أصوله، حيث يمكن تذوق “السفنج” المغربي الساخن واللذيذ في فطور الصباح، ومختلف الأطباق المعروفة في المائدة المغربية مثل الكسكس و”البسطيلة” و”السفة” وجميع أنواع الطواجن. 

يعود أصل اسم “سقالا” إلى إيطاليا رغم أنها تعني معان مختلفة حسب المعاجم. ويرجح بعض الباحثين أن الاسم أخذ من اللغة التركية، فهو إما مشتق من كلمة سقالة، وهي آلة موسيقية، أو من كلمة “سكالة” وتعني القصبة المواجهة للبحر، وهو المعنى الأرجح. وقد ذكرها المؤرخ الناصري من بين المآثر التي خلفها السلطان محمد الثالث، حين كتب “ومدينة آنفا (المقصود بها الدار البيضاء) ومسجدها وحمامها وصقائلها وأبراجها”….

بنيت “السقالة”، التي تطل على ميناء الدار البيضاء، على أيدي البرتغال في القرن الثامن عشر، كمعسكر وحصن للهجوم على المدينة زمن الجهاد البحري. ودمر الموقع بالكامل أثناء الزلزال الذي ضرب البيضاء قبل أن يأمر السلطان العلوي محمد بن عبد الله، الذي بنى “السقالة” بمدينة الصويرة أيضا، بإعادة ترميمه سنة 1769، ليجعل منه مركزا للدفاع عن المدينة  من الهجمات البرتغالية ومن جميع أنواع محاولات الاحتلال القادمة من البحر.

“السقالة”، التي تحيط بها أسوار المدينة القديمة، وتجاور الزاوية الدرقاوية وضريح سيدي علال القرواني، تتميز بمعمارها الجميل الذي تم المزج فيه بين العمارة الأندلسية والبرتغالية، وبأسوارها العالية ومدافعها الموجهة نحو المحيط ونوافيرها وأبوابها المقوسة، وهي المعالم التي أصرت الإدارة الفرنسية في عهد الحماية، على الحفاظ عليها وصيانتها لأنها تشكل انعكاسا لتاريخ وحضارة الدولة المغربية العريقة.

تعرض حصن “السقالة”، المصنف تراثا إنسانيا من طرف منظمة اليونيسكو، للتهميش والإهمال الذي طاله مدة سنوات، وتآكلت جدرانه وأصبح خطرا على المارة والسكان المجاورين والسياح الراغبين في استكشاف هذه المعلمة التاريخية المميزة، ليتم تحويلها إلى مطعم ومزار سياحي مكن من الحفاظ عليها رغم الانتقادات.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*