عبد الرؤوف… أيقونة الفكاهة في المغرب

يعتبر عبد الرحيم التونسي، رمزا من رموز الفن في المغرب وأيقونة الفكاهة وأسطورتها لدى أجيال متعاقبة من المغاربة، كانوا يضحكون لقفشاته وحريصون على متابعة مسرحياته وسكيتشاته الهزلية في التلفزيون، الذي كان المتنفس الوحيد في ذلك الزمان، للترفيه عن النفس. 

اشتهر التونسي، الذي ولد بالمدينة القديمة للدار البيضاء سنة 1936، وتوفيت والدته وهو لم يتجاوز الثالثة من عمره، بشخصية عبد الرؤوف التي ابتكرها سنة 1960، بعد أن استوحاها من أحد أصدقاء دراسته، وهي الشخصية الشعبية والبسيطة التي تماهى معها الجمهور، والممثل نفسه، إلى أن أصبحا روحان في جسد. 

تميزت شخصية عبد الرؤوف بسذاجتها ومظهرها الطفولي، وكان عبد الرحيم التونسي يطعمها بطربوشه وسرواله الفضفاض وطريقة كلامه المرحة، التي تحول مواقف الحياة العادية إلى لحظات مغرقة في الضحك، فصنعت له نجاحا منقطع النظير، إذ كانت العروض تتوالى عليه من أجل تقديمها في المسارح والقاعات التي كانت تمتلئ عن آخرها بالجمهور وتقام بشبابيك مغلقة، وتسجل على شكل أشرطة صوتية تباع بالآلاف.

كانت بدايات عبد الرؤوف من على خشبة المسرح في سنوات الستينات، الذي وجد فيه ضالته بعد سنوات طويلة في معتقلات المستعمر بسبب انخراطه في الحركة الوطنية، (دخل السجن سنة 1954 ولم يخرج منه إلا بعد استقلال المغرب)، قبل أن يصبح نجم التلفزيون بدون منازع، هذا التلفزيون نفسه الذي تنكر له في سنوات عمره الأخيرة، ولم يمنحه الفرصة للظهور من جديد على شاشته، بعد أن تبدلت الأحوال والأذواق ومعها الرهانات.

اضطرت ظروف المرض عبد الرؤوف للابتعاد عن الساحة الفنية لسنوات. لكنه كان يعود للظهور مرة كل فترة، من خلال مشاركته في فيلم “ماجد” سنة 2011 ثم في “عمي” سنة 2016، أو حين تم تكريمه في إحدى دورات المهرجان الدولي للفيلم بمراكش.

توفي عبد الرحيم التونسي في الثاني من يناير الجاري، مع دخول السنة الجديدة، عن عمر يناهز 86 سنة، وذلك بعد معاناة طويلة مع مرض القلب، الذي تسبب في دخوله المستشفى مرات عديدة، قبل أن يصاب العمى أيضا.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*