عموري مبارك… البوهيمي المبدع

ولد عموري مبارك، الذي حلت ذكرى وفاته الثامنة يوم السبت الماضي، سنة 1951 بدوار تامزغالت نواحي تارودانت. عاش حياة قاسية في طفولته عانى خلالها الفقر والحرمان واليتم. توفي والداه وهو في سن صغيرة، فاضطر إلى الافتراق عن إخوته بعد أن عهد به إلى مؤسسة خيرية، وفيها اكتشف موهبته في الغناء والموسيقى والعزف.

بدأ عموري، الذي اشتغل في صغره راعيا للغنم، مساره الفني، مع مجموعة “سوس فايف” التي كانت تغني بالعربية والفرنسية والإنجليزية، قبل أن ينضم في سنوات السبعينات إلى مجموعة “أوسمان” (أو البرق بالعربية) التي كانت أول مجموعة أمازيغية تدخل عالم المجموعات في المغرب، إلى جانب “ناس الغيوان” و”جيل جيلالة” و”لمشاهب”، وشكلت حين تأسيسها ثورة فنية بامتياز، لاعتمادها آلات حديثة مثل القيثارة التي كان عموري أول فنان أمازيغي يوظف نغماتها في الأغنية الأمازيغية التي تعتمد أكثر على آلة “لوتار”.

غادر عموري مبارك “أوسمان” ليشق طريقه منفردا. كان يعشق الفن والغناء بل يتنفسهما. لكنه كان يحب التجديد والتحديث بدل التمسك بتلابيب الماضي والتقليد، وقدم بصمته في مجال الموسيقى الأمازيغية بعد أن أتى بإبداعات جديدة، لذلك لقبه النقاد والمتتبعون والجمهور بالفنان المجدد. 

كانت أغانيه تدور حول مواضيع السلام والتعايش والتسامح والمحبة. كما كان ملتزما أيضا بالقضية الأمازيغية التي كانت حاضرة بقوة في أعماله. كان شديد الاهتمام بتراث “الروايس”، مثلما كان شديد الإعجاب بالحاج بلعيد، أيقونة الأغنية الأمازيغية.

كان عموري امبارك فنانا زاهدا في المال والشهرة والأضواء ولم يكن يعير اهتماما لكل ما هو مادي. المقربون منه يجمعون أيضا أن الرجل كان مرهف الإحساس شديد التأثر إلى درجة البكاء. كان مثقفا وقارئا يحب مصادقة الكتاب والأدباء، ومن بينهم محمد خير الدين، الذي كان من بين الكتاب المغاربة المقربين إليه.

كان عموري مبارك عزيز النفس، وصاحب كبرياء وأنفة. لم يكن يحب أن يطلب مالا أو هدايا أو خدمات لنفسه. بل حتى في فترة مرضه، أبى أن يتعالج على نفقة الدولة، أو أن يتحدث الإعلام عن إصابته بالسرطان لإثارة شفقة الجمهور.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*