إسحاق الموصلي… الموسيقي اليهودي الذي نادم خلفاء بني العباس

هو من أشهر وأبدع المغنين والموسيقيين في العصر العباسي. عاصر الخلفاء وكان نديما للرشيد والمأمون والمعتصم والواثق. ولد في مدينة الري الفارسية سنة 767 ميلادية. عرف بابن النديم الموصلي واسمه الكامل إسحاق بن إبراهيم ابن ماهان، وهو من أصول يهودية مثلما يشير اسمه، المتداول لدى العبرانيين، قبل أن يتحول إلى ميمون، بعد أن أصبح مسلما، حسب ما أكدته العديد من المصادر التاريخية. أما نسبه الموصلي، فكان دائما مثار نقاش وتشكيك، إذ رأى‌ المؤرخون‌ أن‌ سفر والده إبراهيم‌ إلى‌ الموصل، ومقامه فيها لذي استغرق شهورا، هو السبب‌ الرئيسي‌ لحمله هذا اللقب. 

تتلمذ على يد كبار أساتذة الغناء والموسيقى والعزف في العراق، ليتفوق عليهم في العزف على آلة العود وفي الغناء، إضافة إلى معرفته بعلوم التاريخ والأدب، ما جعله يدخل قصور الخلفاء والملوك من أوسع أبوابها لموهبته وثقافته. إذ كان عالما باللغة والموسيقى والتاريخ وعلوم الدين وعلم الكلام، كما كان حافظا للأخبار راوية للشعر. ولم يكن يفارق مجالس كبار الأدباء والشعراء والفقهاء، مثل الأصمعي وأبو عبيدة وعاتكة والحصري ومنصور زلزل وغيرهم.

كان إسحاق الموصلي من مؤيدي المدرسة القديمة في الغناء. وكان أول من ضبط الأوزان التي تبنى عليها مقامات الموسيقى العربية التي تبحر فيها وتعرف على كافة تفاصيلها وأسرارها. وألف العديد من الكتب والمؤلفات التي تجاوزت الأربعين، فقد أكثرها مع دخول المغول إلى العراق، ولم يصلنا منها شيء سوى ما ذكر في بعض المصادر التاريخية.

عرف عن إسحاق الموصلي الأمانة وحسن الخلق والوفاء إلى درجة أن الخليفة المأمون كان راغبا في توليته القضاء. لكنه فضل الموسيقى والغناء رغم أن المجتمع كان ينظر إليهما نظرة دونية، ولم تكن للمغنين حظوة ومكانة اجتماعية محترمة لدى عامة الناس.

عاش إسحاق الموصلي حياته في بغداد وتوفي فيها وسنه حوالي 83 عاما. أصيب بالعمى في سنين حياته الأخيرة، رغم اختلاف الروايات حول أسباب وفاته. ليظل إلى اليوم، أكبر وأهم موسيقي عربي عرفه التاريخ القديم، والذي لا يضاهيه أحد.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*