كرافاش بولحية… الجوهرة النفيسة التي أبدعتها أنامل يهود الأندلس

يعتبر كرافاش بولحية من أشهر الحلي والمجوهرات النفيسة المنتشرة في المنطقة الشرقية للمغرب، إضافة إلى الجزائر، خاصة في قسنطينة وتلمسان. وهو يصنع من الذهب الخالص ويرصع بالأحجار الكريمة والماس وتتوارثه نساء العائلة الواحدة جيلا عن جيل لقيمته الكبيرة وأهميته القصوى، فهو ليس فقط للزينة والتباهي في الأعراس والمناسبات، بل يمكن ادخاره لأوقات الشدة والمحن.

ويعود الفضل في خروج هذه التحفة الفنية النفيسة إلى الوجود، إلى يهود الأندلس، الذين أبدعتها أناملهم، منذ قدموا إلى شمال إفريقيا فارين من بطش الحروب الصليبية، وشكلوا، مع مرور الزمن، جالية هامة في المنطقة، بصمت بإرثها ثقافة الشعوب المغاربية، في الوقت الذي تقول روايات أخرى أن نسبه يعود إلى البحارة الجزائريين الذين كانوا يصنعون عقدا من الحبال لزوجاتهم، قبل ركوب البحر، تعبيرا لهن على الحب والمودة.

ظهر كرافاش بولحية، الموجود أيضا في تونس وليبيا، في القرن الرابع عشر الميلادي، بالضبط سنة 1392. وكان ذلك في عهد الدولة الزيانية التي كانت تحكم الجزائر حينها. وهي الفترة التي هاجر فيها اليهود إلى شمال إفريقيا بعد سقوط الأندلس في يد الممالك المسيحية، والذين سرعان ما تمكنوا من السيطرة على التجارة وصناعة الذهب في المنطقة، بحكم إتقانهم للعديد من الحرف، واختصوا بصياغة الحلي والمجوهرات المصنوعة من الذهب والفضة.

كانت أول من ارتدت كرافاش بولحية، أميرة زيانية، أهدي لها من طرف صائغ يهودي، نيابة عن أبناء ملته، عرفانا منهم بجميل الحكام الزيانيين الذين احتووهم ومنحوهم الحماية في بلادهم، قبل أن ينتشر بعدها لدى العائلات الكبرى وفئة النبلاء، ويصبح عنصرا مهما في جهاز العروس وعملية تزيينها في حفل الزفاف، إذ يضفي على إطلالتها فخامة وجمالا، خاصة أنه يلبس مع أفخم الأزياء التقليدية والقفاطين.

سمي بتلك التسمية لأنه مصنوع من سلسلة غليظة ومفتولة مثل حبل (كرافاش)، ونسبة إلى الأهداب التي تتدلى منه، على شكل لحية (بولحية). وقد كان تصميمه في البداية يعبر عن شعار دولة بين زيان بالجزائر، كما كان يحيل على الثقافة اليهودية.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*