عائشة الشنا… رحيل امرأة من جيل النضال

قد لا يتفق المغاربة كلهم على شخص عائشة الشنا، لكنهم يحترمونها ويحترمون مواقفها البطولية ونضالها الطويل في سبيل حقوق المرأة والأمهات العازبات وأطفالهن، في مجتمع تقليدي محافظ. 

ولدت ماما عائشة، مثلما يلقبها الجميع، بمدينة الدار البيضاء قبل أن تنتقل للعيش في مدينة مراكش بعد وفاة والدها وهي في سن صغيرة وزواج والدتها مرة أخرى، لتعود مرة أخرى إلى العاصمة الاقتصادية بعد أن كاد زوج أمها يجبرها على مغادرة صفوف الدراسة والتعليم، لتقيم مع عمتها. 

كان شغف الشنا، التي رحلت قبل أيام عن عالمنا، بالعمل الجمعوي منذ كانت تشتغل ممرضة ثم موظفة في وزارة الصحة، قبل أن تؤسس جمعيتها الخيرية للتضامن النسوي، لمساعدة الأمهات العازبات وضحايا الاغتصاب وزنا المحارم سنة 1985. ومنذ ذلك الحين وهي تقاوم رفض المجتمع وحملات التشهير التي قادها ضدها التيار الديني المحافظ، الذي اعتبر مبادراتها تشجيعا على الدعارة والفساد، رغم أنها صرحت دائما أنها مسلمة حتى النخاع، وأنها ضد العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، قبل أن ينصفها الملك محمد السادس ويتبرع لجمعيتها بمبلغ مالي ضخم. 

لم تكتف عائشة الشنا، الحاصلة على العديد من الجوائز، ومن بينها جائزة “أوبيس” سنة 2009، والتي بلغت قيمتها مليون دولار، بالنضال من داخل الجمعيات والمؤسسات، بل انتقلت إلى التحسيس بأهمية صحة المرأة من خلال العديد من البرامج التلفزيونية والإذاعية المختصة، وكتبت كتابا ضم العديد من شهادات النساء اللواتي صادفتهن في درب النضال وساعدتهن على بناء حياة جديدة ومستقبل واعد لأبناءهن، بعد أن عملت على إجبار آبائهم بالاعتراف ببنوتهم وتسجيلهم في الحالة المدنية، ودعمت الأمهات ووجدت لهن عملا يمكنهن من إعالة أسرهن.

حصلت الشنا، بفضل العمل الجبار الذي قامت به جمعيتها طيلة سنوات طويلة، والمعترف به على المستوى الدولي، على العديد من الجوائز والتقديرات، من بينها جائزة حقوق الإنسان من الجمهورية الفرنسية وجائزة وسام الشرف للملك محمد السادس عام 2000  وجائزة إليزابيت نوركال،  بفرانكفورت، ووسام جوقة الشرف من درجة فارس، من قبل الجمهورية الفرنسية، سنة 2013. 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*