مسجد القرويين… أقدم جامعة في العالم

يعتبر جامع أو مسجد القرويين، الموجود بمدينة فاس المغربية، أول وأقدم جامعة في العالم، قبل الزيتونة بتونس والأزهر بمصر، وقبل أكسفورد وكامبريدج. بنته فاطمة الفهرية، ابنة الفقيه عبد الله الفهري، في عهد الأدارسة سنة 859 ميلادية، في الوقت الذي تؤكد مصادر أخرى أن المسجد بناه السلطان داوود.

استفاد مسجد القرويين أو “جامع الشرفاء” مثلما يسمى أيضا، من تبرعات المحسنين وأثرياء العاصمة العلمية الذين أغدقوا عليه الكثير من الأموال والأوقاف التي جعلته مستقلا عن خزينة الدولة، بل إن الدولة نفسها كانت تلجأ إليه عند الحروب والأزمات.

لم يقتصر التعليم في القرويين على العلوم الشرعية فقط، بل كان يشمل علوم الحياة بشكل عام وعلم الطب والعقل والفلك والهندسة والفلسفة، ودرس فيها كبار الفقهاء والعلماء والنحاة في ذلك العصر، من بينهم عبد الواحد الونشريسي ومحمد بن إدريس العراقي، وإسماعيل بن إدريس، كما كان يحضرها الرجال والنساء والأطفال، ما جعل منه مركز إشعاع للعلوم في مختلف المجالات.

خضع المسجد، مع توالي الأسر الحاكمة بالمغرب، إلى العديد من الترميمات والتوسعات، خاصة في عهد المرابطين الذين غيروا شكله وتفننوا في صنع قبابه وأقواسه وفق المعمار الأندلسي، ونقش آياته وتعلية منبره وتزيينه بالثريا الكبرى التي ما تزال قائمة إلى اليوم، قبل أن يضع الموحدون لمستهم التي تتجلى في بناء “الخصة” الرخامية في صحن الجامع، والتي زادته بهاء وجلالا، ثم زود السعديون الجامع بخزانة جديدة، وحبسوا عليها الكتب والمخطوطات لطلبة العلم، ليعرف مزيدا من الاهتمام في عهد العلويين، بعد إضافة الساعات الشمسية في عهد الحسن الأول وتجديد القبتين في عهد المولى يوسف، ووضع مصابيح أمام أبواب الجامع في عهد الملك الحسن الثاني، وترميم الجامع في عهد محمد السادس.

ويحتوي المسجد، الذي يقع وسط المدينة القديمة لفاس، على عدوة القرويين، أو ما يعرف بفاس البالي، على مكتبة عظيمة تضم مجموعة من أندر المخطوطات في العالم، ضاع منها الكثير، لكنها ظلت قبلة دائما لطلبة العلم والبحث من الشرق والأندلس وإفريقيا، إضافة إلى أوربا أيضا.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*