الزربية المغربية… تحف فنية بصيت عالمي

تختلف صناعة الزرابي في المغرب، وهي صناعة تقليدية قديمة تعود إلى آلاف السنين، من منطقة إلى أخرى. فلكل منطقة وزربية خصوصياتها التي تميزها، رغم أنها عموما تنسج باليد ويغلب عليها اللون الأحمر الفاقع، إلى جانب ألوان أخرى مثل الأزرق والأصفر والأخضر، وتبدعها أنامل نساء أغلبهن قرويات، خاصة بمنطقة سوس والأطلس، يقضين شهورا طويلة من أجل إخراج هذه التحف الفنية إلى الوجود، على إيقاع الأهازيج والأغاني التراثية.

يستعمل الصوف المصبوغ والقطن والأعشاب الطبيعية والتوابل في صناعة الزربية المغربية وتزينها زخارف تمتزج فيها الثقافات الأمازيغية والعربية والأندلسية والإسلامية لتمنحنا تحفة فنية تعكس التنوع والانفتاح المغربي على العديد من الحضارات. فالزربية الفاسية لا تتشابه مع الرباطية، وبينها وبين الأمازيغية فروقات كثيرة، خاصة زربية تازناخت الشهير عالميا، والمعروفة بجودتها وجمالها وألوانها المتميزة التي تحكي قصصا شعبية تداولها أبناء المنطقة منذ سالف الأزمان.

تعتبر صناعة الزرابي المغربية طقسا مقدسا بالنسبة إلى النساء النساجات، اللواتي لا يبدأن القطعة إلا بعد أن يغتسلن ويتوضأن ويصلين ويدعين الله من أجل أن يكون عملهن جيدا ويحظى بالإعجاب. وحين تبدأ عملية النسج، يدخلن في عوالمهن الخاصة، ناسيات ما يحيط بهن تماما، إلى آخر خيط أو نقشة أو هندسة بالسجاد الذي يعتبرنه مثل واحد من أبناءهن.

ورغم أن الزربية التقليدية المغربية تعرف منافسة شرسة من السجاد المستورد من بلدان أخرى، رخيص الثمن، إلا أن المرأة المغربية تحرص على أن تشتري ولو واحدة منها، رغم ارتفاع أسعارها، لأنها تعكس تراث بلدها وموروثه التاريخي.

ورغم أن النساء القرويات البسيطات، هن من يعملن بجد على إبداع هذه الزرابي الجميلة التي تبهر أنظار وألباب الناس، سواء كانوا مغاربة أو أجانب، إلا أنهن يعانين شظف العيش ولا يحصلن على أرباح هامة من هذا النشاط الذي يتطلب منهن مجهودات خارقة، في الوقت الذي تستفيد شركات كبرى مستثمرة في المجال، من هوامش ربح ضخمة بعد أن يشترين هذه الزرابي بأقل كلفة ممكنة ليبعنها بعد ذلك، بأثمان مرتفعة، سواء داخل المغرب أو خارجه.  

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*