القصري… ملك تاكناويت

يعتبر حميد القصري من أكثر “لمعلمين” الكناويين شهرة وانتشارا، رغم أن العديد من قدماء “كناوة”، لا يعترفون به ك”معلم” كناوي قح، ربما لأنه يميل أكثر إلى المزج و”الفوزيون”، رغبة منه في تطوير هذا الفن الذي ظل مهمشا لسنوات طويلة، قبل أن يلقي عليه مهرجان الصويرة الضوء، أو ربما لأن أصوله تعود إلى القصر الكبير حيث رأى النور في 1961، وليس إلى مراكش أو الصويرة، معقل كناوة.

ترعرع حميد القصري وسط عائلة كناوية بامتياز. وتشرب هذا الفن منذ صغره من زوج جدته الذي يتحدر من السودان، ومن قربه من الزوايا وأصبح يتقن العزف على “الكنبري” و”القراقب” في سن صغيرة لم تكن تتزاوج 10 سنوات، قبل أن يبرز نجمه في الدورات الأولى لمهرجان كناوة إيقاعات العالم الذي تحتضنه الصويرة، على المستوى الوطني والدولي، خاصة أنه مزج موسيقاه مع كبار الفنانين والموسيقيين العالميين الذين شاركوا في مختلف دورات المهرجان.

لحميد القصري قدرة خطيرة على جلب الجمهور والإبحار به نحو عوالم “الجذبة” و”الحال” و”السواكن”. إنه الوحيد بين “المعلمين” الذي يتفاعل معه جمهوره بطريقة غريبة، خاصة في سهراته “اللايف”، حيث تمتزج الإيقاعات الكناوية برائحة “البخور” و”الجاوي”، و”العود”، وينبعث “الملوك” (mlouks) من مراقدهم، ليشاركوا في احتفالية وطقوس جماعية تطير بهم نحو عوالم صوفية بعيدة عن الواقع، قريبة إلى الروح.

استطاع القصري أن يؤسس “ستيلا” مختلفا خاصا به، جمع فيه بين مختلف المدارس “الكناوية”، وهو “الستيل” الذي نجح فيه وأوصله إلى العالمية وإلى قلوب الجماهير التي تعشق طريقته في العزف وصوته الشجي الذي يتخلله حزن دفين من زمن العبودية، خاصة وهو يؤدي روائع مثل “مولاي أحمد” و”عايشة” و”يوبادي” و”لا إله إلا الله” أو “علال” أو “ساندية” أو “لالة مليكة” أو غيرها من أغاني كناوة التي عرفت أكثر بصوته وأداءه المميز.

غاب القصري فترة عن الساحة الفنية والأضواء بعد إصابته الخطيرة في حادث سير كاد يودي بحياته، وأقعده الفراش شهورا طويلة، قبل أن يتماثل مؤخرا للشفاء ويعود بقوة إلى فنه وجمهوره الذي يعشقه.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*