يعتبر الفنان فتح الله المغاري، الذي غيبه الموت قبل أيام، عن سن تناهز الثانية والثمانين عاما، بسبب أزمة قلبية، واحدا من رواد الأغنية المغربية وأعمدتها وأهراماتها الذين ساهموا في إثراء الخزانة الفنية الوطنية بالعديد من الأغاني التي ما زالت تردد إلى اليوم وحاضرة بقوة في مختلف الحفلات والمناسبات والمهرجانات بأصوات فنانين عديدين.
ولد المغاري سنة 1940 في مدينة فاس في عائلة فنية تعشق الطرب والموسيقى، وكان لها كبير الأثر على حبه للفن والغناء والتلحين. وقد نشأ يستمع إلى الموسيقى الأندلسية التي أثرت كثيرا في تكوينه الفني.
درس بثانوية مولاي ادريس التي عرفت تفتق موهبته. وبعد حصوله على شهادة الباكالوريا، عمل موظفا في المكتب الوطني للأبحاث المنجمية، لكنه غادر الوظيفة من أجل التحليق عاليا في سماء الأغنية.
كان المغاري مختلفا ومتميزا عن باقي فناني جيله. فقد كان له أسلوب خاص في كتابة الكلمات والتلحين، وكانت أغانيه تختلف من قطعة إلى أخرى، بين الصوفية والرومانسية والأغنية الوطنية. وهو يضم في جعبته عددا من الأغاني الخالدة التي أدتها العديد من الأصوات المغربية، أشهرها أغنية “كاس البلار”، التي كتب كلماتها ولحنها في ستينيات القرن الماضي، وتعتبر بدايته الحقيقية في عالم الغناء وبفضلها أثبت موهبته وسط كبار الفنانين، وأغنية “الدار اللي هناك” التي أداها عبد الوهاب الدكالي و”يالي بيك القلب ارتاح” لمحمد الحياني و”علاش قطعوك يا وردة” التي غناها محمد المزكلدي، إضافة إلى أغان أخرى لا تقل إبداعا مثل “خسارة فيك غرامي” و”الله يكمل رجاك” و”الصنارة” و”رجال الله” والله ما نتا معانا” و”الله على راحة” و”فينك آ الحبيب”، دون الحديث عن رائعته “نداء الحسن” التي كتب كلماتها بمناسبة حدث المسيرة الخضراء، وظلت حاضرة في وجدان المغاربة إلى يومنا هذا.
تعامل المغاري أيضا مع الفنانة لطيفة رأفت، وكتب لها كلمات رائعتها “مغيارة”، كما اشتغل مع الفنان عبد الهادي بلخياط الذي أدى من كلماته أغنية “في قلبي جرح قديم” التي أعجب بها عبد الحليم حافظ حين سمعها أثناء إحدى زياراته للمغرب.
قم بكتابة اول تعليق