حفيظة الحسناوية… رحيل خليفة فاطنة بنت الحسين

ولدت حفيظة الحسناوية بمنطقة عبدة القريبة من مدينة آسفي. شغفت منذ صغر سنها بفن “العيطة” الذي عرفت به المنطقة، وكانت معجبة ب”شيخات” يقام لهن ويقعد مثل الحامونية والشيخة عايدة، اللتان كانتا بمثابة مثلها الأعلى في فن الغناء و”تامشياخت”، إلى جانب الراحلة فاطنة بنت الحسين، التي تتلمذت حفيظة على يدها.

احترفت الغناء الشعبي و”العيطة” سنة 1974، بعد التحاقها بفرقة “أولاد بنعكيدة” التي ظهرت مطلع السبعينات وحصدت شهرة كبيرة على الصعيد الوطني، خاصة بعد التحاق فاطنة بنت الحسين، التي كانت أيقونة فن “العيطة”، بالفرقة، سنة 1977، لتمنحها الكثير من الألق والمجد. 

التحاق فاطنة بالمجموعة الشعبية أثر كثيرا في المسار الفني لحفيظة، التي رغم تواريها إلى الخلف، تاركة الأضواء للأيقونة الشعبية، إلا أنها تعلمت منها الكثير، وهو ما شكل نقلة نوعية في حياتها. إذ استفادت كثيرا من الاشتغال إلى جانبها وتعلمت منها أسرار الحرفة وأسلوب الأداء وحفظ “العيطات” و”البراول”، إلى أن تمكنت من أن تصبح شيخة “طبّاعة” حسب لغة “الشيوخ”، أي “معلمة”. 

حملت حفيظة الحسناوية، التي تبنتها فاطنة بنت الحسين فنيا وإنسانيا، مشعل الغناء بعد رحيل هذه الأخيرة، ويعتبر العديد من النقاد والمتخصصين أنها شكلت امتداد فعليا لها، وساهمت من خلال ما تعلمته منها، من الحفاظ على فن “العيطة” وترسيخه.

استطاعت حفيظة الحسناوية، التي كانت متزوجة من بوشعيب بنعكيدة، الأخ الأكبر لمجموعة “ولاد بنعكيدة”، أن تبدع في سماء “العيطة” الحصباوية التي يتميز بها أهل عبدة وآسفي، وبصمت على مسيرة فنية حافلة دامت 40 سنة تقريبا مكنتها من تحقيق شهرة واسعة على الصعيد الوطني، وكسب احترام الجمهور الذي كانت تصر على أن تطل عليه بحجابها، لتكسر النظرة الدونية التي ينظر بها بعض المجتمع إلى “الشيخة”. 

توفيت حفيظة الحسناوية أمس الخميس بأحد مستشفيات مدينة آسفي حيث عاشت سنوات عمرها، بعد أزمة قلبية مفاجئة وأزمة صحية طارئة لم ينفع معها علاج، لتترك فراغا كبيرا في الساحة التي فقدت أيقونات “العيطة”، فاسحة المجال لأشباه “الشيخات” اللواتي يرقصن أكثر مما يغنين. 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*