ولد الفنان عبد الله العمراني، الذي انتقل قبل أيام إلى دار البقاء بعد صراع طويل مع أمراض الشيخوخة والسرطان في الرأس، في مراكش سنة 1941 لعائلة مثقفة محبة للعلم، إذ كان والده مدرسا للعلوم الدينية بجامعة بن يوسف بالمدينة الحمراء.
حبه للفن جعله يدخل مدرسة للتمثيل في نهاية الخمسينات، حيث درس المسرح وتلقن أساسيات التشخيص لمدة ثلاث سنوات، رفقة العديد من الأسماء الفنية الشهيرة مثل عزيز موهوب ومحمد حسن الجندي أو مليكة العماري.
اشتغل العمراني مع عمالقة المسرح المغاربة، وعلى رأسهم الطيب الصديقي، الذي ظهر معه في مسرحية “الفصل الأخير” عن ملوك الطوائف في الأندلس، لتتوالى بعدها أدواره في المسرح، والمقتبسة جلها من أعمال أدبية عالمية لشكسبير وموليير، قبل أن ينضم إلى فرقة التمثيل التابعة للإذاعة الوطنية، التي شارك معها في إخراج وتصوير وتمثيل العديد من الأعمال الفنية.
عرف العمراني بهدوئه ورزانته وعلاقاته الجيدة مع زملائه، التي لا تخلو من تقدير. كما عرف بالتزامه المهني وحضوره في الوقت المحدد لمواعد التصوير، مما جعله يكسب ثقة واحترام جميع العاملين معه، مثلما يحكي عدد ممن جايلوه.
تألق العمراني ولعب العديد من الأدوار سواء في السينما أو التلفزيون أو الإذاعة أو المسرح، لعل من أهمها دوره في فيلم “الرسالة” الشهير للمخرج الراحل مصطفى العقاد، أو دوره في مسلسل “صقر قريش” أو في الفيلم العالمي “لورنس العرب” الذي وقف فيه أمام نجوم كبار مثل أنطوني كوين وبيتر أوتول وعمر الشريف، إضافة إلى أعماله الأخرى “السراب” و”الزفت” و”مكتوب” و”عبروا في صمت” وبيضاوة” و”نساء ونساء” و”أصدقاء الأمس” و”علي ربيعة والآخرون” و”طيف نزار” و”درب مولاي الشريف” و”السمفونية المغربية”… وهي الأدوار التي بصم من خلالها ذاكرة أجيال من المغاربة، على مدار مسار فني دام أكثر من نصف قرن.
وكانت آخر أعمال العمراني قبل حوالي سنة من وفاته، حين لعب بطولة فيلم “عودة الملك لير”، من إخراج هشام الوالي، وهو الدور الذي نال بفضله جائزة أفضل ممثل في مهرجان الفيلم الجامعي في القنيطرة، لتنضاف إلى مجموعة من الجوائز التي حصل عليها خلال مساره الفني الطويل، ومنها جائزة أحسن ممثل في المهرجان الإفريقي الأول في الجزائر في 1969، وجائزة تقدير من وزارة الشبيبة والرياضة، إضافة إلى وسام الاستحقاق الوطني من الدرجة الأولى، الذي وشحه به الملك الراحل الحسن الثاني.
قم بكتابة اول تعليق