فاطنة بنت الحسين… أسطورة العيطة

هي فاطنة بنت الحسين، أيقونة الفن الشعبي في المغرب وأسطورة العيطة. “الشيخة” التي كانت، ولا زالت، بعد مماتها، تحظى باحترام وتقدير المغاربة، العاشقين لصوتها القوي وأداءها الرائع للتراث، إلى درجة أن الجمهور لقبها ب”فنانة الشعب”.

ولدت فاطنة في منتصف الثلاثينات بمنطقة سيدي بنور، التابعة لدكالة، لعائلة قروية محافظة رفضت ولوجها مجال الغناء، نظرا للسمعة السيئة التي كانت ملتصقة ب”الشيخة” وقتها، رغم دورها الكبير في محاربة الظلم ومقاومة المستعمر. ولم يساندها في هذا الحب الأعمى ب”العيطة” سوى أختها.

بدأ شغفها بالأغاني البدوية في سن صغيرة، وهي الأغاني التي كانت ترددها في الأفراح والمناسبات التي كانت تقام ب”الدوار”، قبل أن تضطر بسبب مشاكل مع عائلتها، إلى الانتقال إلى مدينة اليوسفية، حيث انضمت إلى فرقة الشيخ المحجوب وزوجته الشيخة العبدية، وحصدت شهرة واسعة، وصلت إلى مدينة آسفي، معقل “العيطة الحصباوية”، وبعدها مدينة الدار البيضاء، معقل “المرساوي”، لتلتحق بعدها بفرقة “ولاد بن عكيدة”، التي سجلت معها أكثر من 200 أغنية بين قصائد و”بريويلات”، أشهرها “مولاي عبد الله الوالي احنا جينا نزوروك”، وهي أغنية قديمة أعادتها بطريقتها الخاصة، ومنحتها، بفضل صوتها وصدق أدائها لمستها الخاصة، وهي اللمسة نفسها التي يجدها المستمع حاضرة في جميع أغاني “العيوط” التي أدتها، من بينها “خربوشة”، التي تفوقت في غنائها على نفسها، دون الحديث عن “الشاليني” و”دامي” وغيرها، إضافة إلى أغنيتها الشهيرة “خارجة ودايرة يديا فيديه، هاداك حبيبي”، التي تغني بها المغاربة أجمعين في أفراحهم وأعراسهم.

كرست بنت الحسين، مثلها في ذلك مثل العديد من “الشيخات” اللاتي عاصرنها، حياتها كلها للغناء والعيطة. لم تتزوج ولم تنجب أبناء. وكان آخر همها جمع المال والثروة، بقدر ما كان همها إيصال صوتها الجريح إلى الناس والجمهور الذي عشقها حتى الثمالة.

عاشت فاطنة في كفاف وغنى عن أصحاب السلطة والنفوذ. وظلت إلى غاية وفاتها في أبريل 2005، عن سن ناهزت السبعين، متمسكة بتواضعها وبساطتها وصدقها، وبعشقها الكبير ل”العيطة”، التي توقفت عن أدائها بعد حجها بيت الله الحرام ، قبل حوالي ثلاث سنوات عن رحيلها.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*