فاطمة الركراكي… أم المغاربة

لم تكن فاطمة الركراكي، التي توفيت أمس الاثنين عن عمر قارب الثمانين سنة، مجرد ممثلة ألف وجهها المغاربة على شاشة التلفزيون، بل كانت بمثابة أم لهم، أحبوها بفضل أدوارها وإتقانها دور الأم الحنون، وبفضل صوتها الدافئ وملامح وجهها التي توحي بالكثير من الحب والمودة.

دخلت الركراكي مجال التمثيل في زمن لم يكن مقبولا فيه أن تظهر المرأة على شاشة تلفزيون أو تقف على خشبة مسرح أو ركح. كان ذلك في منتصف الخمسينات،  لكن حبها للتشخيص تغلب على جميع العوائق والممنوعات، لتقف لالة فاطمة شامخة على خشبات العديد من مسارح المغرب، أمام كبار وعمالقة الفن المسرحي مثل أحمد الطيب لعلج ومحمد سعيد عفيفي والطيب الصديقي، إضافة إلى المغفور له الملك الحسن الثاني.

كانت البدايات بمسرحية “عمايل جحا”، قبل أن تتوالى أعمالها بعد ذلك بين مسرح ومسلسلات تلفزيونية وأفلام سينمائية، من أشهرها “قاضي الحلقة” و”من دار لدار” و”أمواج البر” و”أرض الضوء” و”يما” و”وداعا أمهات” و”جوق العميين” وغيرها من الأعمال.

أحب الجمهور فاطمة الركراكي كثيرا. وبادلته هي حبا بحب، كان رصيدها الأكبر والأهم طوال مسيرتها الفنية تصفيقاته واحترامه وتقديره لما تقدم من أعمال على الشاشة. كان ذلك يكفيها، في وقت لم يكن الفن يطعم صاحبه خبزا، فبالأحرى بسكويتا.

رغم شهرتها، ظلت فاطمة الركراكي، إلى آخر نفس في حياتها، محافظة على تواضع الكبار. كريمة عزيزة النفس، لا تمد يدها إلى أحد ولا تطلب دعما أو مساعدة من جهة ما، رغم أنها قدمت حياتها وصحتها للفن، ولم تحصد سوى الفقر والعوز والنسيان، خاصة بعد أن أصابها العمى في أواخر حياتها، وأصبحت عاجزة عن القيام بأي أدوار تسند إليها، على قلتها، قبل أن تلتفت الوزارة الوصية والمسؤولون لحالتها بعد حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، قادها زملاء لها في عالم الفن من الجيل الشاب، وجمهورها الوفي. 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*