مقهى الحافة… أسطورة طنجاوية بصيت عالمي

تأسس مقهى الحافة سنة 1921 في طنجة من طرف رجل بسيط يدعى با محمد، (اسمه الكامل محمد علوش) لم يكن يظن يوما أن مقهاه سيصبح صيته عالميا ويقبل عليه السياح من مختلف أنحاء المعمور، إلى جانب المبدعين والمثقفين والفنانين من جميع الجنسيات، الذين وجدوا في روحه منبعا للإلهام. 

يطل المقهى، الذي يعد اليوم معلمة سياحية، على البحر الأبيض المتوسط وعلى الضفة الإسبانية. وقد تم تشييده على خمس طبقات فوق هضبة مرشان العالية، المطلة على جبل طارق، والتي كانت من أرقى المناطق في المدينة في عهد الاستعمار، حين كانت طنجة ما تزال منطقة دولية، وهي اليوم من المناطق التي تتميز بالهدوء والبعد عن الصخب والضجيج والضوضاء السائدة في وسط المدينة. 

يتميز المقهى بتقديم الشاي الشمالي ذي النكهة الخاصة الذي بدأ به با محمد مشروعه البسيط حين كان الزبائن يفترشون الحصائر والزرابي من أجل احتساء هذا المشروب المغربي اللذيذ، على أنغام الموسيقى الأندلسية، قبل أن تتطور المقهى مع تطور الزمن وازدياد الإقبال. كما يشتهر بتقديم “البيصارة”، وهي شوربة مغربية شهيرة في منطقة الشمال، وفي طنجة بالتحديد، إضافة إلى الخبز البلدي.

في مقهى الحافة، كتب الروائي المغربي الراحل محمد شكري أجزاء من روايته الشهيرة “الخبز الحافي”. وفيه أبدع الروائي الطاهر بن جلون، الحاصل على “الغونكور”، العديد من أعماله الأدبية. أما الكاتب الأمريكي بول بولز فكان واحدا من أكبر عشاقه. كما زارته شخصيات هامة كثيرة، من بينها رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل والأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان، إضافة إلى فرق فنية أسطورية مثل “البيتلز” و”الرولينغ ستونز” لذلك صنفته وزارة الثقافة المغربية ضمن الفضاءات الأثرية.

احتفظ المقهى، الذي بني على ملك من أملاك الدولة، بطابعه التقليدي البسيط، وبأصالته التي تجعله قبلة الزوار من مختلف أنحاء العالم، رغم تشييد مقهى ومطعم إلى جانبه، أكثر عصرية. وظل الزوار الذين يقصدونه من مختلف الطبقات الاجتماعية والثقافية، يجمعهم الحنين إلى الزمن الجميل، وجودة الأطباق المقدمة وأسعارها التي في المتناول، رغم محدوديتها.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*