شمعون ليفي… المغربي حتى النخاع

“جلالته يستحضر بكل تقدير، ما كان يتحلى به الفقيد الكبير من خصال إنسانية حميدة، وغيرة وطنية صادقة… كان أستاذا ألمعيا ومناضلا تقدميا، شديد التعلق بمغربيته، عاملا بكل تفان وإخلاص واعتزاز، على إبراز إسهام التراث الثقافي اليهودي المغربي في ترسيخ خصوصيات الهوية المغربية الأصيلة”…. هكذا وصف جلالة الملك محمد السادس، شمعون ليفي، في برقية التعزية التي بعث بها إلى عائلة الفقيد، الذي وافته المنية في 2011، عن سن 77 سنة، بعد معاناة مع مرض السرطان. 

هو مناضل وسياسي وأستاذ جامعي وكاتب وباحث، كرس حياته كلها من أجل التعريف بالثقافة اليهودية وإبراز دورها وإسهامها كمكون مهم ضمن الفسيفساء الثقافية للمملكة، سواء عبر كتاباته الصحفية أو كتبه ومنشوراته القيمة، وعلى رأسها كتابه “دراسات في التاريخ والحضارة اليهودية المغربية”. 

ناضل شمعون ليفي، الذي ولد وكبر وترعرع في “ملاح” المدينة القديمة بفاس، من أجل استقلال المغرب، وعمره لم يكن يتجاوز العشرين سنة آنذاك. رفض الجنسية الفرنسية التي قدمها المستعمر للرعايا اليهود في مستعمراته بشمال إفريقيا، وعاش في وطنه مغربيا حتى النخاع، بدون أوراق ثبوتية، لمدة فاقت عشرين سنة، إلى أن حصل على الجنسية المغربية. دخل العمل السياسي من بوابة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، قبل أن يلتحق بالحزب الشيوعي المغربي، الذي سيتحول إلى حزب التقدم والاشتراكية، قبل أن ينتخب نائبا في المجلس البلدي لمدينة الدار البيضاء في الفترة من 1976 إلى 1983. كما كان أول نائب يهودي يدخل قبة البرلمان في العالم العربي الإسلامي. كان ذلك سنة 1997.

المقربون من الرجل يشيدون بثقافته الواسعة وانفتاحه وتواضعه. 

كان وراء فكرة تشييد متحف التراث اليهودي المغربي بالدار البيضاء بهدف الحفاظ على تراث اليهود المغاربة والمساهمة في التعريف به للأجيال المقبلة. 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*