لم يكن محمود الإدريسي، الذي غادرنا قبل أيام متأثرا بمضاعفات إصابته بفيروس “كورونا”، مجرد فنان من الزمن الجميل، بل كان أيقونة ورمزا من رموز الأغنية المغربية وعملاقا يقام له يقعد في مجال “السلطنة” والتطريب. وقد شهد له بذلك كبار وعظماء الفن في المغرب وباقي أنحاء العالم العربي.
أحبه المغاربة كثيرا لبساطته وتواضعه ولجمال صوته وقوة موهبته. ورددوا معه أغانيه التي ظلت خالدة في ذاكرة الجمهور أجيالا وراء أجيال، وأشهرها “ساعة سعيدة” التي كلماتها الراحل مصطفى بغداد ولحنها الإدريسي نفسه، و”موحال واش ينساك البال” و”هايلة” و”هل يا ترى يعود” و”اصبر يا قلبي” و”بغا يفكرني فاللي فات” و”واش نزيدو ما زال الحال”، إلى جانب تحفته الفنية الوطنية “عيشي يا بلادي عيشي” التي تغنى في جميع المناسبات الوطنية، دون أن ننسى ألحانه التي تغنت بها أصوات مغربية أخرى مثل لطيفة رأفت التي غنت له “الحمد لله” و”الديفا” نعيمة سميح التي أدت من ألحانه رائعة “شكون يعمر هاد الدار” أو البشير عبدو الذي لحن له أغنية “الدنيا بخير” أو محمد الغاوي الذي قدم له لحن أغنيته “اللي علينا احنا درناه”…
بدأ محمود الإدريسي، الذي ولد سنة 1948، مساره الفني بأداء الموشحات وأغاني الموسيقارين الكبيرين محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش. وكان صوته يطرب كل من يستمع إليه، والذي كان من بينهم الملحن عبد الله عصامي الذي كان له الفضل في التحاق الإدريسي بالإذاعة الوطنية بعد أن نجح في اختبار الأداء أمام الموسيقار أحمد البيضاوي. لتتوالى بعد ذلك نجاحاته الفنية التي تعامل فيها مع كبار الملحنين وكتاب الكلمات المغاربة مثل أحمد الطيب لعلج وعبد القادر الراشدي وعبد القادر وهبي ومحمد بن عبد السلام وعبد السلام عامر الذي ساءت علاقته به بعد أن لحن له أغنية “راحلة”، التي غناها الإدريسي وسجلها، قبل أن يفاجئ بها تخرج بصوت الفنان الراحل محمد الحياني.
كان محمود الإدريسي من الفنانين المفضلين للملك الراحل الحسن الثاني الذي كان يحب صوته كثيرا ويفتخر به أمام ضيوفه من الفنانين والمبدعين العرب، إلى درجة أنه كان يهديه ثيابه وبذلاته الأنيقة.
لم ينصف الزمن محمود الإدريسي، ولم يعطه حقه كما يجب، مثل العديد من زملائه الذين جايلوه أو جاءوا بعده، لكن الأكيد أن التاريخ سيذكره كثيرا بعد أن توجه المغاربة في قلوبهم ملكا للأغنية المغربية.
قم بكتابة اول تعليق